المسيرة الخضراء المظفرة: ملحمة التحرير السلمي واسترجاع الصحراء المغربية
- Hatim Ouajir
- قبل ساعتين
- 2 دقيقة قراءة

تُعد المسيرة الخضراء حدثًا تاريخيًا فريدًا في مسار الكفاح الوطني المغربي، وملحمة سلمية عظيمة سطرها الشعب المغربي بقيادة جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، لاسترجاع أقاليمه الجنوبية المغتصبة من طرف الاستعمار الإسباني.
خلفية تاريخية
بعد استقلال المغرب سنة 1956، بقيت أجزاء من ترابه الوطني، وعلى رأسها الصحراء المغربية (الساقية الحمراء ووادي الذهب)، تحت الاحتلال الإسباني.ورغم أن المغرب استرجع تدريجيًا بعض مناطقه كطانطان وسيدي إفني، إلا أن إسبانيا ظلت متمسكة بالصحراء لما تزخر به من ثروات طبيعية وموقع استراتيجي.
وفي بداية السبعينيات، شرع المغرب في المطالبة الحازمة بحقوقه المشروعة عبر السبل الدبلوماسية والسلمية، فرفع القضية إلى محكمة العدل الدولية بلاهاي سنة 1974، لإثبات الروابط التاريخية والقانونية التي تربط الصحراء بالمغرب.
قرار محكمة العدل الدولية
في يوم
16 أكتوبر 1975، أصدرت المحكمة رأيها الاستشاري الذي أكد بما لا يدع مجالاً للشك أن:
"الصحراء لم تكن أرضاً خلاء، بل كانت توجد بها روابط قانونية وبيعة بين سلاطين المغرب وسكانها."
هذا الحكم شكّل انتصارًا دبلوماسيًا كبيرًا للمغرب، وأجهض محاولات إسبانيا تبرير استمرار استعمارها للمنطقة تحت ذريعة “تقرير المصير”.
الملك الحسن الثاني يعلن المسيرة الخضراء
في اليوم نفسه، ألقى جلالة الملك الحسن الثاني خطابًا تاريخيًا أعلن فيه عن تنظيم مسيرة سلمية كبرى نحو الصحراء المغربية، قال فيها:
“غدًا إن شاء الله ستنطلقون في مسيرة خضراء، مسيرة سلمية، لتحرير أرضكم واسترجاع حقكم.”
كانت الفكرة عبقرية في رمزيتها، إذ جمعت بين الإيمان بالله والوحدة الوطنية، واعتمدت السلم بدل السلاح.
تنظيم المسيرة
استجاب الشعب المغربي لنداء ملكه، فتطوع 350 ألف مواطن ومواطنة من مختلف جهات المملكة، يمثلون جميع فئات المجتمع.حملوا القرآن الكريم والعلم الوطني، دون أي سلاح، في مشهد مهيب عبّر عن وحدة الأمة وتلاحم العرش بالشعب.انطلقت القوافل من مدينة طرفاية نحو الحدود مع الصحراء في 6 نونبر 1975، وهم يرددون الأناشيد الوطنية والتكبيرات، في مسيرة سلمية لم يشهد التاريخ مثلها.

نتائج المسيرة الخضراء
أمام هذه التعبئة الشعبية العارمة، لم تجد إسبانيا بدًا من الجلوس إلى طاولة المفاوضات، ليتم توقيع اتفاقية مدريد في 14 نونبر 1975، التي أقرت بإنهاء الوجود الإسباني في الصحراء المغربية، وتسليم الإدارة إلى المغرب وموريتانيا.وفي سنة 1979، انسحبت موريتانيا من وادي الذهب، ليُستكمل التحرير الكامل للأقاليم الجنوبية.
مرحلة البناء والتنمية
بعد استرجاع الصحراء، أطلق المغرب ورشًا تنمويًا شاملًا لتأهيل المنطقة وبناء المدن والمرافق الحيوية، من طرق ومدارس ومستشفيات، وتحويل الصحراء إلى نموذج للتنمية والازدهار في القارة الإفريقية.كما رسخ مشروع الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، تجسيدًا لرؤية جلالة الملك محمد السادس نصره الله لاستكمال مسيرة البناء والوحدة.
رمزية المسيرة
المسيرة الخضراء لم تكن مجرد حدث سياسي، بل كانت ملحمة إيمانية ووطنية أبهرت العالم، وعبّرت عن مدى ارتباط المغاربة بوطنهم وملكهم، وإيمانهم بأن الحق لا يُستعاد إلا بالسلام والوحدة والإصرار.
ذكرى خالدة
يحتفل المغاربة كل سنة في 6 نونبر بذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، اعتزازًا ببطولات الأجداد وتجديدًا للعهد على صيانة الوحدة الترابية للمملكة من طنجة إلى الكويرة، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس.





تعليقات