top of page
Fond vert

📰 الدفع بعدم دستورية القوانين... حين يصبح المواطن حارسًا للدستور.

  • صورة الكاتب: Hatim Ouajir
    Hatim Ouajir
  • قبل 7 أيام
  • 2 دقيقة قراءة

في خطوة تعكس النضج الدستوري الذي بلغه المغرب منذ إقرار دستور 2011، أضحى بإمكان كل مواطن مغربي أن يشارك فعليًا في حماية الدستور والدفاع عن الحقوق والحريات التي يكفلها، عبر ما يُعرف بـ “الدفع بعدم دستورية قانون”.هذا المبدأ يشكل اليوم أحد أهم المداخل لترسيخ دولة الحق والقانون، حيث لم يعد مراقبة دستورية القوانين حكرًا على المؤسسات، بل صارت وسيلة بيد المواطن نفسه.

- من الاحتكار المؤسساتي إلى إشراك المواطن

ينص الفصل 133 من الدستور على أنه "يمكن لكل طرف في دعوى أن يدفع بعدم دستورية قانون، إذا ما أُثير أن تطبيقه يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور".وبذلك انتقل المغرب من نظام يعتمد فقط على الرقابة السياسية المسبقة، إلى نظام قضائي يتيح رقابة لاحقة يشارك فيها الأفراد أثناء سير الدعوى.

القانون التنظيمي رقم 86.15 جاء ليترجم هذا الفصل إلى واقع عملي، محددًا الخطوات الدقيقة التي تمرّ منها المسطرة، بدءًا من المحكمة العادية، مرورًا بمحكمة النقض، وصولًا إلى المحكمة الدستورية التي تُصدر القرار النهائي.

- مسطرة دقيقة تحفظ التوازن

تبدأ العملية عندما يُثير أحد الأطراف في قضية معينة الدفع بعدم دستورية النص القانوني الذي يُراد تطبيقه عليه، مدعيًا أنه يمسّ حقًا من حقوقه الدستورية.المحكمة تنظر أولًا في مدى جدّية الدفع وعلاقته بالقضية، فإذا تبينت الجدية تُحيل الملف إلى محكمة النقض، التي تفحص بدورها المسألة قبل أن تُحال في النهاية إلى المحكمة الدستورية للفصل فيها.

هذه المراحل الدقيقة تضمن أن يُستعمل هذا الحق بمسؤولية، دون أن يتحوّل إلى وسيلة لتعطيل القضايا أو تأخير العدالة، وفي الوقت نفسه تحفظ هيبة الدستور وتفوقه على باقي النصوص القانونية.

- خطوة نحو عدالة دستورية متقدمة

يُعدّ تمكين المواطن من الدفع بعدم دستورية قانون تحولًا نوعيًا في الفكر القانوني المغربي، إذ أصبح الفرد شريكًا أساسيًا في صون الدستور، لا مجرد خاضع لأحكامه.فالمحاكم لم تعد وحدها من تدافع عن المشروعية، بل صار بإمكان المواطن العادي أن يرفع صوته في وجه أي نص تشريعي يمسّ بحقوقه الدستورية.

- تحديات التطبيق

رغم أهمية هذه الآلية، إلا أن وعي المواطنين بها ما يزال ضعيفًا، كما أن المسطرة تبقى معقدة نوعًا ما، مما يجعلها قليلة الاستعمال إلى اليوم.ويرى متخصصون أن تطوير هذه التجربة يحتاج إلى تكوين قانوني أعمق للمحامين والقضاة، وإلى تحسيس مجتمعي بأهمية هذا الحق الدستوري في حماية الحريات.

-

ree

في الختام

يبقى “الدفع بعدم دستورية قانون” خطوة رائدة في مسار تكريس دولة الحق والمؤسسات بالمغرب، فهو يضع المواطن في قلب الرقابة على التشريع، ويجعل من الدستور وثيقة حية تشتغل في الواقع وليس مجرد نص رمزي.ومع مرور الزمن وتنامي الوعي القانوني، يُتوقع أن تتحول هذه الآلية إلى ركيزة أساسية في حماية الحقوق وضمان التوازن بين سلطة التشريع وحقوق الأفراد.

 
 
 

تعليقات


bottom of page